آية الله الفقيه الأصولي المحقق الشيخ ضياء الدين العراقي ـ ولد في مدينة عراق أراك وانتقل في بداية شبابه إلى أصفهان للدراسة ، وتخرج على يد علمائها ، وانتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف لاستكمال دراساته واعمال العلمية.
يقول تلاميذه :ان المحقق العراقي جاء إلى النجف الأشرف مجتهدا حضر دروس المحقق السيد محمد الفشاركي ، ودروس المحقق الخراساني صاحب الكفاية حضور تحقيق ، وكان فيهما من ابرز الفضلاء يومذاك.
واستقل بعد ذلك في التدريس على مستوى الدراسات العليا الخارج ، واستمر في التدريس على هذا المستوى في الفقه والأصول قرابة ستين سنة في النجف الأشرف ، وتخرج على يده خلال هذه الفترة حدود ثلاثة آلاف من الفقهاء والمجتهدين والعلماء. ولا نعرف في فقهائنا في الادوار الأخيرة من امضى ستين عاما في التدريس على مستوى الخارج الدراسات العليا .
ودرس الأصول دورات عديدة خلال هذه الفترة كما درس أهم أبواب الفقه :الصلاة دورة كاملة ، والإجارة ، والقضاء ، والشهادات ، والغصب ، والمكاسب ، وغير ذلك من الكتب الفقهية .
ولما كان المحقق العراقي رحمه الله بعيدا عن أجواء الزعامة الدينية فقد أتاح الله تعالى له فرصة مباركة للتفرغ للعلم تحقيقا وتدريسا وتأليفا.
وقد نشأ على يده في هذه الفترة نخبة من فقهائنا المعاصرين الكبار نذكر منهم المرحوم آية الله اليثربي ، وآية الله السيد محمود الشاهرودي ، وآية الله السيد أبو القاسم الخوئي ، وآية الله السيد محسن الحكيم ، وآية الله الشيخ موسى الخونساري ، وآية الله الشيخ حسين الحلى ، وآية الله الشيخ محمد تقى البروجردي ، وآية الله السيد يحيى اليزدي وآية الله الميرزا حسن اليزدي ، وآية الله السيد حسن البجنوردي ، وآية الله الميرزا هاشم الآملي ، وآية الله السيد عبد الله الشيرازي ، وآية الله الشهيدي التبريزي ، وآية الله الشيخ آقا بزرگ الشاهرودي ، وآية الله السيد عباس الأصفهاني نجل استاده السيد محمد فشاركي ، وغيرهم من الفقهاء المعاصرين وفحول المحققين ، وأساطين الفقه والأصول.
وخلف المحقق العراقي من بعده مجموعة من المؤلفات العلمية في حقلى الفقه والأصول تتميز جميعا بالدقة ، والعمق ، والاصالة ، والمتانة العلمية ، نذكر فيما يلي بعضها
1 ـ دورة فقهية استدلالية كاملة بعنوان شرح التبصرة.
طبع منها كتاب الطهارة ، والصلاة ، والزكاة ، والخمس ، والصوم ، والاعتكاف ، والقضاء ، والشهادات ، والمكاسب. ويصدر قريبا ان شاء الله سائر مجلدات هذه الدورة الفقهية.
2 ـ حاشية استدلالية على العروة الوثقى مخطوطة.
3 ـ حاشية موسعة على كفاية الأصول لأستاذه المحقق الخراساني يتعرض فيها لآراء صاحب الكفاية.
4 ـ حاشية على كتاب فوائد الأصول تقريرات بحث المحقق النائيني بقلم المحقق الكاظمي.
وفى هذه التعليقات يتناول المحقق العراقي نقاط الاختلاف في الرأي بينه وبين المحقق النائيني.وهذا الكتاب يعتبر مصدرا أساسيا لدراسة وجوه الاختلاف بين المدرستين الأصوليين المعاصرين مدرسة المحقق العراقي ومدرسة المحقق النائيني .
5 ـ مقالات الأصول :خلاصة وافية لآراء المحقق العراقي في الأصول في مجلدين.
6 ـ تعليقه على رسائل الشيخ الأنصاري يتعرض فيها لآراء الشيخ الأنصاري الكبير قدس الله سره .
ومما يلفت النظر ان المحقق العراقي يطرح في هذه الكتب الأربعة آراءه الأصولية في أربعة قوالب علمية مختلفة تماما وان كان الرأي والتصورات واحدة في الأغلب ، وليس في هذه الكتب الأربعة تكرارا للعرض.
7 ـ كما صدر من تقارير أبحاثه رحمه الله في الأصول نهاية الأفكار الكتاب الحاضر لآية الله الشيخ محمد تقى لآية الله شيخ محمد تقى البروجردي رحمه الله و بدائع الأفكار لآية الله الشيخ الميرزا هاشم الآملي حفظه الله من فقهاء الحوزتين العلميتين النجف الأشرف وقم المقدسة وأساتذتهما البارزين.
وقد كان رحمه الله كثير الاشتغال ، عميق النظر والرأي ، يعد في القمة من فقهائنا المعاصرين من أمثال شريف العلماء بحاثا ، قوى الحجة ، دؤوبا في الاعمال العلمية دائم التفكير ، يستغرق في التفكير العلمي ، مربيا من الناحية العلمية. لا يفارقه العمل العلمي تفكيرا ، أو تدريسا ، أو تأليفا ، الا في أوقات العبادة والراحة. وكان في حياته الشخصية زاهدا قانعا باليسير من أسباب الحياة المادية ، معرضا عن الدنيا وزينتها ، مقبلا على أعماله العلمية ، ورعا تقيا في حدود الله ، حلو المعاشرة ، خفيف الروح ، عذب البيان.
وقد وافاه الاجل في النجف الأشرف 1361 ه. ق ودفن في الضلع الغربي من الصحن الحيدري الشريف.