- الحسين بن علي عليهما السلام قدوة الأمراء
هو الإمام المعصوم الثالث، تولى إمامة وقيادة الأمة الإسلامية بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام، إلا أن موت معاوية أدى إلى وجود ظروف خاصة سيطرة على المجتمع الإسلامي حيث بدأ الاستهزاء بالقيم الإلهية بشكل علني وهذا يعني أن الإمام عليه السلام أصبح يعيش موقعاً جديداً.
أما يزيد الذي تولى الخلافة بعد أبيه كان يعتبر أن الإمام الحسين عليه السلام هو المانع والعقبة الوحيدة التي تقف أمامه، لذلك كان على استعداد لقتل الإمام وقد كتب إلى والي المدينة: "خذ البيعة من الحسين... وإن أبى فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه"1.
في الجهة المقابلة لم يكن الإمام الحسين عليه السلام ذاك الشخص الذي يذعن لبيعة الذل لأن الخلافة محرمة على آل أبي سفيان وقد نقل عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "ولقد سمعت جدي رسول الله يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان"2 والإمام الحسين عليه السلام لم يهرب قط من تحمل مسؤوليته وقد عبر عن رأيه بأجمل العبارات وأكثرها حماساً عندما قال: "لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ منهم فرار العبيد".
لو لم يكن في الدنيا ملجأ ومأوى لما بايعت يزيد ابن معاوية"3.
"فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برم"4.
"ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز (تركني) بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة"5.
كان الإمام الحسين عليه السلام يدرك أن الشهادة أمر قطعي وأن يزيد لن يدعه وشأنه. لذلك يقول في الجواب على محمد بن الحنفية:
"يا أخي! لو كنت في بطن صخرة، لاستخرجوني منها فيقتلوني".
وكان ذلك واضحاً للإمام عليه السلام حيث يقول في الجواب على أم سلمة: "يا أماه قد شاء الله عزَّ وجلَّ أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين وأطفالي مذبوحين مظلومين مأمورين مقيدين وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معينا"6.
وكان الإمام عليه السلام يرى الإسلام وهو في الرمق الأخير وهو مبتلى بكافة الأمراض المهلكة وأنه سيستشهد لا محالة، وأن إحياء وتجديد دين الله يحتاج إلى دمائه، إلا أنه كان عليه التخطيط جيداً كي لا يذهب دمه هدراً. وقف الإمام عليه السلام أمام الله تعالى مسلماً لمشيئته إلا أنه لم يسلم للحاكم. الإمام الحسين عليه السلام في حركته أتم الحجة لأنه الإمام والحجة ومن وظائفه إتمام الحجة، لذلك نرى الإمام الحسين عليه السلام لم يترك فرصة أو مناسبة إلا ودعا الناس إلى الحق وتحدث أثناء الطريق مع أشخاص كثر أمثال "عبد الله بن الحر الجعفي"7 وغيره وكتب الرسائل إلى البعض وطلب منهم المساعدة، حتى أنه في ساحة المعركة وقف مراراً مخاطباً أعداءه، وخاطب عمر بن سعد على الرغم من أن هذه المحاولات لم تأتي ثمارها. وكل ذلك واضح في خطب الإمام في كربلاء8.
الواضح أن الإمام أراد القيام بوظيفته ألا وهي إتمام الحجة على الجميع، حتى على الأصحاب، لذلك كان يدعوهم إلى الاستفادة من ظلام الليل والابتعاد عن الخطر.
ولعل من أبرز خصائص الإمام الحسين عليه السلام الأخرى مع اطلاعه الكامل على مستقبل حركته، إنه لم يكن طالباً للحرب، بل كانت حركته تقابل ما يقوم به الأعداء. فالإمام لم يبدأ الحرب، لذلك قال: "ما كنت لأبدأهم بالقتال".
من جهة أخرى لم يكن هناك أي تناسب بين جبهتي الحق والباطل. ولم يكن هناك أي تساوي من جهة القوى البشرية والإعلامية، والاجتماعية، و... من هنا كان على الإمام عليه السلام أن يصحب معه أفضل الأشخاص وقد اتضح بعد حادثة عاشوراء أن نصف تلك الرسالة الإلهية للإمام الحسين عليه السلام قد وقعت على عاتق الحسينيين والنصف الآخر على عاتق الزينبيات.
1- مقتل المقرم، ص129.
2- المصدر نفسه، ص123.
3- المصدر نفسه، ص135.
4- المصدر نفسه، ص135.
5- المصدر نفسه، ص207.
6- المصدر نفسه، ص136.
7- موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام، ص365.
8- المصدر نفسه، ص 416.