بسم الله الرحمن الرحيم
هدم الكعبة وإعادة بنائها_14 / جمادى الثانية/ السنة 64 هـ
تزامن خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكة مع خروج عبد الله ابن الزبير على الحكم الأموي، وقد لازم الأخير الحِجر، وجعل يحرّض الناس على بني أمية، وكان يأتي إلى الحسين ويشير عليه بالخروج إلى العراق بحجة أن من فيها شيعته وشيعة أبيه، ولكن الحسين عليه السلام قد خرج إلى العراق لمّا وصلته كتب أهل الكوفة بالقدوم عليهم، فانفرد ابن الزبير بمكة، وبينما كان يزيد منشغلاً بحرب الحسين عليه السلام في كربلاء، كان قد دعا ابن الزبير الناس إلى نفسه، وخلع بيعة يزيد، حتى استغلظ أمره في مكة وبويع عليها.
فلما فرغ يزيد من قتال أهل المدينة بسبب خروجهم على بيعته فكانت واقعة الحرة التي لم يعرف تاريخ الإسلام بعد واقعة كربلاء أبشع ولا أشرس وأعنف منها، أمر يزيد قائد جيشه مسلم بن عقبة - الذي سمي بعد ذلك مسرفاً لإسرافه في قتل المسلمين والتنكيل بهم - بالتوجه إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وكسر شوكته، فتوجه من فوره نحو مكة، غير أن الأجل أسرع إليه قبل بلوغها، وكان قد ولّى على الجيش الحُصين بن نمير، فقدم مكة وحاصرها، وقاتل أهلها ورماهم بالمنجنيق، وكانوا يوقدون حول الكعبة فأقبلت شرارة هبت بها الريح فأحرقت أستار الكعبة، وخشب سقفها، واحترق قرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل عليه السلام، كما وقع عليها النار إثر رمي المنجنيق.
وفي هذه الأثناء بلغ عبد الله بن الزبير موت يزيد، فنادى بأهل الشام: إن طاغيتكم قد هلك، فسرعان ما رجع الحصين بن نمير بجيشه إلى الشام بعدما تأكّد له موت يزيد.
فأخذ يدعو ابن الزبير الناس إلى نفسه، بعد أن كان يدعو إلى الشورى، فبايعه أهل مكة، وبعده هدم الكعبة لما احترقت، وبناها على قواعد إبراهيم الخليل، وضم الحِجر إلى البيت فكُبر، وجعل له بابين شرقي وغربي.