بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رجب من الأشهر الحرم التي حرم فيها القتال، وهو ما أكسبه موقعا متميزا، جعله مدخلا إلى شعبان ليكون الشهران معا محطة الاستعداد لشهر الله تعالى "شهر رمضان"، ويسمى: رجب الأصب، لأن الله تعالى يرحم العباد فيه رحمة خاصة، تصب عليهم صبا، أي أنها وافرة جدا.
وقد قال الشيخ المفيد(قده) في كتابه (مسار الشيعة) حول شهر رجب: هو شهر عظيم البركة،شريف، لم تزل الجاهلية تعظمه قبل مجيء الإسلام، ثم تأكد شرفه وعظمه في شريعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهو الشهر الأصم، وإنما سمي بذلك لأن العرب لم تكن تغير فيه، ولا ترى الحرب وسفك الدماء، وكان لا يسمع فيه حركة السلاح، ولا صهيل الخيل، ولا أصوات الرجال في اللقاء والاجتماع. ويستحب صيامه فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يصومه ويقول: "رجب شهري، وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشهر رمضان شهر الله عز وجل".
وقد ورد روايات كثيرة في فضل صيام شهر رجب، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من صام ثلاثة أيام من رجب كتب الله له بكل يوم صيام سنة، ومن صام سبعة أيام من رجب غلقت عنه سبعة أبواب النار، ومن صام ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام خمسة عشر يوما حاسبه الله حسابا يسيرا، ومن صام رجب كله كتب الله له رضوانه، ومن كتب له رضوانه لم يعذبه".
ومن حديث طويل عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ثواب صوم رجب، قيل: "يا نبي الله فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو علة كانت به، أو امرأة غير طاهرة، تصنع ماذا لتنال ما وصفت؟ قال: تتصدق عن كل يوم برغيف عن المساكين، والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم ينال ما وصفت وأكثر، لأنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والأرض على أن يقدروا قدر ثوابه، ما بلغو عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات. قيل:فمن لم يقدر على هذه الصفة، يصنع ماذا لينال ما وصفت؟ قال: يسبح الله تعالى في كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين بهذا التسبيح مائة مرة: سبحان الإله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان الأعز الأكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل".
أما حول الصلاة في أول رجب: فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "يا سلمان ألا أعلمك شيئا من غرائب الكنز"..."إذا كان أول يوم من رجب تصلي عشر ركعات، كل ركعتين بتسليمة، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و(قل هو الله أحد) ثلاث مرات، غفر الله لك ذنوبك كلها من اليوم الذي جرى عليك القلم إلى هذه الليلة، ووقاك الله فتنة القبر وعذاب يوم القيامة وصرف عنك الجذام والمرض وذات الجنب (التهابات وقروح الرئة)".
وأما حول ليلة النصف من رجب: "إذا كان ليلة النصف من رجب أمر الله تعالى خزان ديوان الخلائق وكتبة أعمالهم، فيقول لهم: أنظروا في ديوان عبادي وكل سيئة وجدتموها فامحوها وبدلوها حسنات".
- "من عرف حرمة رجب وشعبان ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها، وينادي مناد: يا رجب، يا شعبان، يا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم وكيف كانت طاعته لله عز وجل؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان: يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك..."
- قال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: "من صام الأيام البيض الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، كتب الله له بصوم أول يوم صوم عشرة آلاف سنة، وبثاني يوم صوم ثلاثين ألف سنة، وبثالث يوم صوم مائة ألف سنة، ثم قال: هذا لك ولمن عمل ذلك".
- وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين الرجبيون، فيقوم أناس تضيء وجوههم لأهل الجمع...".
جعلنا الله من أصحاب هذا الشهر، القائمين فيه، الصائمين له، والطائعين الله بخير عبادة، مستعينين بشهر رجب الأصب، مستشفعين بصاحب هذا الشهر الحرام الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.