الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
ولادة الإمام محمد الباقر عليه السلام
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

1 / رجب / السنة 57 هـ

مولده ونسبه الشريف:

ولد الإمام محمد الباقر عليه السلام يوم الجمعة - وقيل الاثنين - في غرة رجب سنة (57هـ)، وهناك من قال بأن ولادته كانت في الثالث من صفر، أبوه الإمام الهمام علي بن الحسين عليه السلام زين العابدين وسيد الساجدين، وأمه فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى عليه السلام.

وعلى هذا فيعتبر الإمام الباقر عليه السلام أول فاطمي من فاطميين، وأول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهما السلام.

ويروى أنه كان كثير الشبه بجده المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا كان يلقّب بالشبيه، وكان ربع القامة، رقيق البشرة، جعد الشعر، أسمر اللون، له خال على خده، وكان يكنّى بأبي جعفر، ويلقّب بالشاكر لله، والهادي، والأمين، وأشهر ألقابه على الإطلاق ما لقبّه به جدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أي (الباقر)، فقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: "يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين، يقال له محمد، يبقر علم الدين بقراً، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام"1.

وجاء في معاجم اللغة، أن الباقر هو المتبحر بالعلم، المستخرج غوامضه ولبابه، وأسراره، والمحيط بفنونه، ومغازيه.

النص على إمامته:

جرت عادة الأئمة عليهم السلام أن ينصّ المتقدم منهم على المتأخر، ويشير السابق على اللاحق، قطعاً للمعاذير، وإقامة للحجة، وقد نصّ الإمام علي بن الحسين عليه السلام على إمامة ولده في مواضع متعددة، فمنها قوله عليه السلام: "ألا وإنه الإمام أبو الأئمة، معدن العلم يبقره بقراً، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "2، وقد تواترت النصوص على إمامته، ونقلها العامة كالمسعودي والزهري، فضلاً عن الخاصة3.

جوانب من شخصية الإمام الباقر عليه السلام:

1- الجانب الروحي: المتتبع لحياة الأئمة عليهم السلام يجدها حلقات متصلة في العبادة، وهي كلها لله وفي الله وإلى الله تعالى، والإمام الباقر عليه السلام واحد من هؤلاء الأئمة، والذي كان له السبق في سلّم العبادة والتعلق المطلق بذات الله تعالى، فقد ارتقى فيه حتى بلغ ذروته.

يقول الإمام الصادق عليه السلام في حقه: "كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر الله، وآكل معه الطعام وإنّه ليذكر الله، ولقد كان يحدث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر الله، وكنت أرى لسانه لازقاً بحنكه، يقول: لا إله إلا الله، وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منّا، ومن كان لا يقرأ أمره بالذكر"4.

وقال أفلح - مولى للإمام الباقر-: "خرجت مع محمد بن علي الباقر عليه السلام حاجاً، فلما دخل المسجد، نظر إلى البيت فبكى حتى علا صوته، فقلت: بأبي أنت وأمي إنّ الناس ينظرون إليك فلو رفقت بصوتك قليلاً، فقال لي: "ويحك يا أفلح، ولم لا أبكي، لعل الله ينظر إليّ برحمة فأفوز بها عنده غداً"، ثم طاف بالبيت، ثم جاء حتى ركع عند المقام، (أي صلّى ركعات) فرفع رأسه من سجوده فإذا موضع سجوده مبتل من دموع عينيه"5.

2- الجانب الاجتماعي:
كان الإمام الباقر عليه السلام - كسائر أئمة أهل البيتعليهم السلام - أباً عطوفاً للأمة بأسرها، فعنده محط محتاجهم، وإلى كنفه منتهى مكروبهم، وبفناء داره شفاء مغمومهم، فقد روي عن الأسود بن كثير: شكوت إلى أبي جعفر عليه السلام الحاجة، وجفاء الإخوان، فقال عليه السلام: "بئس الأخ يرعاك غنياً ويقطعك فقيراً". ثم أمر غلامه فأخرج كيساً فيه سبعمئة درهم، فقال: "استنفق هذه فإذا فرغت فأعلمني"6.

وقالت سلمى - مولاة أبي جعفر -: "كان يدخل عليه أصحابه، فلا يخرجون من عنده حتى يطعمهم الطعام الطيب، ويكسوهم الثياب الحسنة، ويهب لهم الدنانير، فأقول له في ذلك ليقلل منه فيقول عليه السلام: "يا سلمى ما حسنة الدنيا، إلا صلة الإخوان والمعروف"7.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "دخلت على أبي يوماً وهو يتصدق على فقراء أهل المدينة بثمانية آلاف دينار، وأعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكاً"8.

3- الجانب العلمي والثقافي: لا نشكّ أبداً أنّ هدف الأئمةعليهم السلام هو: بثّ روح العلم والثقافة في أرجاء العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه، ولكن كل إمام يحقق من هذا الهدف ما تسنح له الظروف، غير أن الإمام الباقر عليه السلام قد سنحت له الظروف أن يبثّ الكثير الكثير من علوم الدين والثقافة الإسلامية بما لم تسمح لغيره منهمعليهم السلام، فقد أدى تمادي معاوية في قتل الصحابة والتشنيع بهم، وكذلك أدى قتل يزيد للحسين وأهل بيتهعليهم السلام وأصحابه، وواقعة الحرة.. واستباحة المدينة المنورة ورميه الكعبة بالمنجنيق و... أدّى كل ذلك إلى تدهور أوضاع الدولة الأموية، حتى وصلت إلى حافة الانهيار في عهد هشام بن عبد الملك، حيث بدأت دعوة العباسيين بـالثورة للقضاء على الدولة الأموية، داعين إلى الرضا من آل محمدعليهم السلام ظاهراً فاستغلّ الإمام الباقر هذا الظرف لفتح مدرسته، وليتخرج منها المئات من العلماء، الذين انتشروا في مختلف البقاع ليبثّوا الدين والفكر والثقافة على مذهب آل محمد عليهم السلام، هكذا شاء الله وكان.

قال جابر الجعفي: "حدثني أبو جعفر سبعين ألف حديث"9، وقال محمد ابن مسلم: ما شجر في رأيي شيء إلا سألت عنه أبا جعفر عليه السلام حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث10.

ونقل بعض من شاهد الإمام عليه السلام في الحج: انثيال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات، ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتى أفتاهم في ألف مسألة ثم نهض يريد رحله11.

واليوم، وبعد مضي ثلاثة عشر قرناً على تأسيسه عليه السلام لهذه المدرسة العظيمة، لا يزال الفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم معوّلاً عليها، تستمد من منهلها العذب، وتغترف من معينها الفيّاض.

أما تلامذته:
فقد قال ابن شهر آشوب:.. وقد روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة، ووجوه التابعين، ورؤساء فقهاء المسلمين، فمن الصحابة: جابر عبد الله الأنصاري، ومن التابعين: جابر بن يزيد الجعفي، وكيسان السختياني صاحب الصوفية، ومن الفقهاء نحو: ابن المبارك، والزهري، والأوزاعي، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وزياد بن المنذر النهدي، ومن المصنفين نحو: الطبري، والبلاذري، والسلامي، والخطيب في تواريخهم، وفي الموطأ، وشرف المصطفى والإبانة، وحلية الأولياء، وسنن أبي داود، والالكاني، ومسندي أبي حنيفة، والمروزي، وترغيب الأصفهاني، وبسيط الواحدي، وتفسير النقاش والزمخشري، ومعرفة أصول الحديث، ورسالة السمعاني، فيقولون: "قال محمد ابن علي، وربما قالوا: قال محمد الباقر"12.

4- منفاه وسجنه وشهادته: كان الإمام الباقر عليه السلام في وجوده وحركاته وسلوكه، وجميع تصرفاته في المدينة يشكّل خطراًً ضد الجهاز الأموي الحاكم آنذاك، المتمثل بهشام بن عبد الملك، والإمام عليه السلام وإن تخلى عن الجهاد والكفاح المسلح، وعمد إلى التغيير الفكري، وترويج الثقافة والمعرفة، ولكن مع ذلك فقد كان الجهاز الحاكم يعتبر ذلك مخالفاً لسلطته وجهاداً ضد حكومته، فعزم هشام على استقدام الإمام إلى الشام، فحُمل مع ولده الصادق عليه السلام إليها، ومبالغة في إذلاله حُبس عن لقاء هشام ثلاثة أيام لم يأذنوا له بالدخول عليه، وأنزلوهم في دار الغلمان.

ثم أذن له بالدخول، فسلم الإمام على الجميع وجلس، دون أن يخصه بالسلام، فقال له هشام:

يا محمد بن علي لا يزالُ الرجل منكم قد شقَّ عصا المسلمين، ودعا إلى نفسه، وزعم أنه الإمام سفهاً وقلة علم.

فأقبل القوم الذين في مجلس هشام على توبيخه - تنفيذاً لما طلبه هشام منهم قبل دخول الإمام عليه -، فلما سكت الجميع نهض الإمام عليه السلام وقال: أيها الناس أين تذهبون، وأين يراد بكم، بنا هدى الله أولكم، وبنا يختمُ آخركم، فإن يكن لكم ملكٌ معجّلٌ فإن لنا ملكاً مؤجّلاً، وليس بعد مُلكِنا مُلكُ، لأنا أهل العاقبة بقول الله عز وجل: ﴿وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ13.

فأمر هشام بسجنه، ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى تناقلت الأخبار إلى هشام بأنّ الإمام قد استطاع بأخلاقه وعلمه وعبادته أن يأسر قلوب السجّان إليه، فخاف انقياد أهل الشام إليه، فأمر بإعادة الإمام إلى المدينة14.

وحين خرج عليه السلام من القصر يريد المدينة، وإذا براهب قد اجتمعت حوله الناس من النصارى والمسلمين، وكان من كبار رهبانهم في الشام، فلما وقع بصره على الإمام سأله عن معضلات فأتى الإمام على آخرها، مما جعل الراهب يقول للناس: "جئتم بأعلم مني كي يفضحني، لعمري ما رأيت بعيني قط أعلم من هذا الرجل، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام، فكل ما أردتم تجدوه عنده حاضراً"، فسرّ المسلمون وأخذوا يتناقلون الحديث عن الإمام عليه السلام.

اشتعل هشام حقداً وحنقاً على الإمام إثر هذه الحادثة، فأرسل إليه أن يعجل بالذهاب إلى المدينة، كما أرسل إلى عامله على المدينة أن يبلّغ الناس أنه لا يحق لأحد أن يتحدث مع محمد بن علي وابنه، فإنهما وردا عليّ، ولما صرفتهما إلى المدينة مالا إلى القسيسين والرهبان، وأظهرا لهم ميلاً، ومرقا من الإسلام إلى الكفر، وتقرّباً إليهم بالنصرانية، فكرهت أن أنكّل بهما لقرابتهما، فإذا قرأت كتابي هذا، ووصلا إليكم فناد في الناس: برئت الذمة منهما15.

وبعد هذا فقد أخذ عامل هشام يُضيّق على الإمام مدة من الزمان، حتى ختم ذلك بدسه السم إليه بأمر من هشام بن عبد الملك، فقضى صلوات الله عليه شهيداً، ودفنه ولده الصادق عليه السلام في البقيع أمام عمه الحسن، وأبيه علي ابن الحسين عليهم السلام.

فسلام على الإمام الباقر عليه السلام يوم ولد، ويوم أدّى رسالته، ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.


1- تاريخ اليعقوبي 2: 63.
2- كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر: 98.
3- راجع في النص على إمامته (إثبات الوصية: 142).
4- أعيان الشيعة 4: 48.
5- الفصول المهمة: 197، وصفة الصفوة 2: 63.
6- مطالب المسؤول 2: 53، وكشف الغمة: 211.
7- نور الأبصار 2: 7.
8- بحار الأنوار 11: 86.
9- أعيان الشيعة 4: 28.
10- رجال الكشي: 109.
11- المناقب لابن شهر آشوب 2: 275.
12- المصدر السابق 2: 284.
13- سورة الأعراف: الآية 128.
14- الكافي 1: 471، (بتصرف).
15- دلائل الإمامة: 105-107.

03-06-2011 | 06-01 د | 1795 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net