تحميل
محاور الموضوع
1- الجانب الأول العلاقات الاجتماعية.
2- الجانب الثاني: العلاقات الإسلامية الأسرية.
3- الجانب الثالث: تبدل القيم.
4- الجانب الرابع: قيمهم ثرواتهم.
5- الجانب الخام: تضيع العبادات.
6- الجانب السادس: جهاد المجتمع.
7- خاتــمة: نـور اللـه فـي الأرض.
الهدف:
بيان طغيان الظلم والفساد في الأرض في كل نواحي المجتمع وبيان أن النهـج
المـقـاوم حصن القيّم وسور المبادئ.
تصدير:
"فعندها يذوب قلب المؤمن كمايذوب الملح في الماء لما يرىمن المنكر".
مقدمة:
مما لاشك فيه ولا شبهة تعتريه في أن ثورة الإمام المهدي عجل الله تعالى
فرجه الشريف هي ثورة القيم وإعادة الأمور إلى نصابها من تقويم الاعوجاج في العقائد
إلى إصلاح مافسد من أخلاق البشر ومن القضاء على البدع إلى سوق العباد نحو الكمال
الإنساني، وليس هذا فحسب بل تشمل عنايته وبركاته الأمور التكوينية ككمال العقول
ومجاورة الحمل للذئب،ومن هنا تفتح الأبواب على الحديث عن أن المذكورات هي جميعها
مصاديق للقسط وإقرار لطبيعة العدل الإلهي الجاري على يديه المباركتين، وبناءاً عليه
فليس المراد من العدل: العدل السياسي والاجتماعي فحسب بل يشمل كل زاوية من زوا يا
الحياة البشرية والكونية والتشريعية والتكوينية، فكما أن انحراف السلطان ظلم،
واستقامته عدل، وكما أن حكم القضاة بغير الحق جور ونقيضه قسط، فكذلك من باب الجري
والتطبيق يمكن القول بانّ التفكك الاجتماعي والتحلل الأخلاقي وتهديم الأسرة جور
وظلم.
فنقائضها قسط وعدل، وهذا يسوقنا إلى الفهم الدقيق لمعنى امتلاء الأرض بالجور والظلم
قبل ظهوره الشريف ولم يعد هناك فرق بين استبداد الظلمة وعتوِّ الدول المستكبرة،
وبين تخلي الأمة عن مبادئها وهجران الأفراد للقيم، وبعد التسليم بهذه المقدمة فحري
بنا أن ننتفض لنقوم بثورة قيمية في عصر الغيبة الكبرى لنحافظ على مبادئنا وقيمنا
ونتحلى بمكارم الأخلاق ونستقيم كما أمرنا حتى لا نكون من المساهمين في نشر الفساد،
ولكيلا نلتقي مع الجبابرة والظلمة في ملء الأرض بالظلم والطغيان، وسأسلط الضوء على
بعض عناصر الجور والظلم الاجتماعي.
الجانب الأول: العلاقات الاجتماعية:
يجب أن تقوم العلاقات الاجتماعية على أساس يبنى عليه رحمة الكبير والقوي
للصغير والضعيف وبالمقابل يبادلانهما بالاحترام والتقدير وسيؤدي هذا بالطبع إلى
رعاية حقوق القاصرين والمستضعفين، وبالتالي لايبقى أي مورد لتهديد الآخرين في
أنفسهم وممتلكاتهم هذا بخلاف ما لو كانت العلاقات الاجتماعية تقوم على أساس التنافس
المادي والتزاحم الجسماني فتؤدي بالعنصر البشري إلى التمايز الطبقي، وتكون السيطرة
للأقوى وبذلك تنسلخ البشرية من إنسانيتها وينتشر البغض والحسد والكراهية، وحينها
يفقد المجتمع قيمه وأخلاقه فقد ورد عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قوله:
"وذلك عندما تصير الدنيا هرجاً ومرجاً ويغار بعضهم على بعض فلا الكبير يرحم الصغير
ولا القوي يرحم الضعيف فحينئذٍ يأذن الله له بالخروج"1 وفي رواية عن ابن عباس عن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث طويل قال صلى الله عليه وآله وسلم: "فعندما
يأتي قوم من المشرق وقوم من المغرب فالويل لضعفاء أمتي منهم والويل لهم من الله لا
يرحمون صغيراً ولا يوقرون كبيراً، لايتجافون عن شيء، جثثهم جثة الآدميين وقلوبهم
قلوب الشياطين"2.
الجانب الثاني: العلاقات الإسلامية الأسرية:
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع فإذا تصدعت انهار المجتمع
بالكامل، وتتعرض الأسرة في هذه الفترة إلى تحولات عجيبة بسبب عدم التزامها بالقيم،
من قبيل ظلم الزوج لحقوق زوجته، أو عدم رعاية الزوجة لحقوق زوجها وهكذا لو أضحى
الولد عاقاً لوالديه وتخلى الوالدان عن مسؤوليتهما في تربية الأبناء، ويدل عليه عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: "يكثر الطلاق والفراق والشك
والنفاق...ويكثر أولاد الزنا".3 ويقول الإمام الصادق عليه السلام:
"ورأيت العقوق قد
ظهر واستخف بالوالدين...ورأيت الأرحام قد تقطعت".4
الجانب الثالث: تبدل القيم:
من الخطورة بمكان أن يرى المرء القبيح فيرتكبه وينظر إلى الحسن فيتركه،
واخطر منه أن يرى القبيح حسناً والحسن قبيحاً، وأخطر من كل ذلك أن يأمر بالقبيح
وينهى عن الحسن، وعندما يؤول الأمر بالمجتمع إلى أن يعطف الهدى على الهوى لا العكس،
وكذلك يعطفون القرآن على الرأي وليس العكس وهكذا يفضي إلى احياء البدعة وموت السنة،
وقد أشير إلى ذلك في مجموعة من الراويات، منها عن الإمام العسكري عليه السلام وهو
يخاطب أبا هشام الجعفري فيقول له: "يا أبا هشام سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة
مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة، السنة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة"5
الجانب الرابع: قيمهم ثرواتهم:
إذا أصبحت القيمة لأصحاب رؤوس الأموال والكلمة للمال، فتُماث الإنسانية
كما يُماث الملح في الماء وهذا ما يحصل في زماننا وقد أشير إليه في العديد من
الأخبار والراويات فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "...والميل مع الأهواء،
وتعظيم المال وبيع الدين بالدنيا، فعندها يذوب قلب المؤمن في جوفه كما يذوب الملح
في الماء".6 وعن الإمام الصادق عليه السلام: "ورايت صاحب المال اعز من المؤمن"7- وعنه أيضا: "ورأيت الناس همهم بطونهم وفروجهم، لايبالون بما أكلوا وبما نكحوا ورأيت
الدنيا مقبلة عليهم"8.
الجانب الخامس: تضيع العبادات:
إذا لم تنه الصلاة عن الفحشاء والمنكر فهي ليست بصلاة، وإذا أكل الإنسان
الربا ترك الزكاة، فتنقطع العلائق بين العبد وربه بل أمسى له إلهٌ أخر يعبده ألا
وهو هواه، وهذا ما يمكن رؤيته في عصر الغيبة الكبرى، واليه يشير النبي صلى الله
عليه وآله وسلم بقوله: "من اشتراط الساعة إضاعة الصلوات، وإتباع الشهوات والميل مع
الأهواء...وأداء الزكاة عليهم اشد التعب عليهم خسراناً ومغرماً عظيماً"9 وفي رواية
أخرى يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يبقى من الإيمان إلا اسمه ولا من
الإسلام إلا رسمه ولا من القران إلا درسه مساجدهم معمورة من البناء وقلوبهم خراب عن
الهدى".10
الجانب السادس: جهاد المجتمع:
إذا تخلى كل رائد من رواد المجتمع عن دوره وعن الصفات الواجب التحلي بها
هذا ينم عن التحولات الكبرى في القيم الأخلاقية، وربما يحصل قبيل الظهور وقد أشار
إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "يأتي زمان على أمتي أرائهم يكونون
على الجور، وعلمائهم على الطمع وعبادهم على الرياء وتجارهم على أكل الربا، ونسائهم
على زينة الدنيا...فان في ذلك الزمان الهرب خير من القيام".11
خاتــمة: نـور اللـه فـي الأرض:
ما ذكر ما هو الاغيض من فيض ما تناولته الراويات والأخبار ولذا فالمؤمن
القابض على دينه كالقابض على الجمر وهكذا فان قلبه يذوب في جوفه كما يذوب الملح في
الماء،ففي هذا الزمن لو تصورناه خالياً من هذا النهج المحمدي الأصيل الذي شيد
بنيانه الإمام الخميني العظيم لما بقي بقية في الأرض إلا وعمّها الجور والظلم ولذا
فيعّد هذا المشروع من اشرف الحصون للمحافظة على القيم الإنسانية والمبادئ الإلهية،
ولاغروّ في كونه كسفينة نوح على سطح الطوفان الذي غمر الأرض وكالنور في الظلمات
وميزان العدل أيام الجور والظلم.
والحمد لله رب العامين والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد واله الطيبين الطاهرين.
1- بحار
الأنوار-52-ص380
2- مستدرك الوسائل-ج11-ص-374
3- مستدرك الوسائل-ج11-ص-374
4- بحار الأنوار-ج-52-ص265
5- إكليل الممنهج في تحقيق المطلب الكرباسي –ص-128
6- مستدرك الوسائل-ج11-ص-327
7- منتخب الأثر: -ص-429
8- بحار الأنوار-ج-52-ص-260
9- استدراك الوسائل-ج-11ص372
10- بحار الأنوار –ج-22-ص453
11- مستدرك الوسائل-ج11-ص-377