الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1659 10 شهر رمضان 1446 هـ - الموافق 11 آذار 2025م

صبرٌ ونصر

رَاحُوا خِفَافاًكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في محفل الأنس بالقرآن الكريمكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في مناسبة يوم الشجرة وأسبوع الموارد الطبيعيةنشر الأخلاقمراقباتالوحدة تعني التأكيد على المشتركاتوَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1653 27 رجب 1446 هـ - الموافق 28 كانون الثاني 2025م

شهر شعبان وأنواره

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى شهيدنا الأسمى سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه)، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التبريك بقدوم شهر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، شهر شعبان، وبالولادات الميمونة في بداياته؛ ولادة الإمام الحسين والعبّاس بن عليّ والإمام زين العابدين (عليهم السلام)، في الثالث والرابع والخامس من هذا الشهر المبارك.

عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد تذاكر أصحابه عنده فضائل شعبان، فقال: «شهرٌ شريف، وهو شهري، وحملة العرش تعظّمه وتعرف حقّه، وهو شهر تُزاد فيه أرزاق المؤمنين كشهر رمضان، وتُزيَّن فيه الجنان، وإنّما سُمّي شعبان لأنّه تتشعّب فيه أرزاق المؤمنين. وهو شهرٌ، العمل فيه مُضاعَف، الحسنة بسبعين، والسيّئة محطوطة، والذنب مغفور، والحسنة مقبولة، والجبّار جلّ جلاله يباهي فيه بعباده، وينظر إلى صوّامه وقوّامه، فيباهي بهم حملة العرش»[1].

بهذه الكلمات، يبيّن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فضل شهر شعبان ومكانته، وكيف أنّ الله تعالى قد أجزل في هذا الشهر رحمته وبركاته لعباده، وجعل أيّامه ولياليه مليئة بالكرم الإلهيّ، ويكفيه عظمةً أنّه (صلّى الله عليه وآله) يضيفه إلى نفسه، فيقول: «شهري».

لقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حريصاً على العبادة والطاعة في هذه الأيّام المباركة؛ لما لها من فضائل لا تُعَوّض، وخصائص لا تُضاهى، وحسنات لا تُعَدّ ولا تُحصى، وينبغي للمرء اغتنامُها، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، وهو القائل: «شعبان شهري، فرحم الله من أعانني على شهري»[2].

ومن أهمّ الأعمال التي ينبغي الاهتمام بها، وعدم تضييعِها في هذا الشهر المبارك:

1. الصوم
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة، وما من عبد يُكثر الصيام في شعبان، إلّا أصلح الله له أمر معيشته، وكفاه شرّ عدوّه، وإنّ أدنى ما يكون لمن يصوم يوماً من شعبان أن تجب له الجنّة»[3].

2. الإكثار من الصلاة على محمّد وآل محمّد
عن الإمام الصادق: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): وأكثِروا في شعبان الصلاةَ علی نبیّكم وأهله[4]«.

3. الصدقة والاستغفار
سُئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن صوم رجب، فقال: «أين أنتم عن صوم شعبان؟»، فقال له الراوي: يابن رسول الله، ما ثواب من صام يوماً من شعبان؟ فقال: «الجنّة والله»، فقال الراوي: يابن رسول الله، ما أفضل ما يُفعل فيه؟ قال: «الصدقة والاستغفار، ومن تصدّق بصدقة في شعبان ربّاها الله تعالى كما يُربّي أحدُكم فصيله، حتّى يُوافيَ يوم القيامة وقد صار مثل أُحد»[5].

قدِّروا هذه الفرصة
إنّ هذه الأيّام هي أيّام مباركة، كرّمها الله تعالى وشرّفها، وجعلها مقدّمةً لشهره العظيم، شهر رمضان المبارك، وتمهيداً وتدريباً للنفس على طاعاته وأعماله، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّه شهر شعبان، شهر التوسّل والدعاء والتوجّه إلى الله تعالى، هو مقدّمة لشهر رمضان المبارك، شهرٌ بُيِّنَت سبلُ السعادة لنا في أدعيته المأثورة، «إلهي، هَبْ لِي قَلْباً يُدْنِيهِ مِنْكَ شَوْقُهُ، وَلِسَاناً يُرْفَعٌ إِلَيْكَ صِدْقُهُ، وَنَظَراً يُقَرِّبُهُ مِنْكَ حقَّه... إِلَهِي، هَبْ لِي كَمَالَ الاِنْقِطَاعِ إليك». هذه الأمنيات السامية لأولياء الله تعالى التي علّموها لنا في قالب الألفاظ، ليرشدونا إلى ما يجب أن نطلبه، إلى الطريق الذي ينبغي أن نسلكه، وإلى نوع الارتباط بالله الذي علينا أن نتحلّى به. أعزّائي، قدِّروا هذ الفرصة، واستفيدوا من شهر شعبان»[6].

الأنوار الشعبانيّة
ولقد أعظم اللهُ تعالى هذه الأيّامَ المباركةَ قدراً، وزادها تكريماً وشرفاً بالولادات الميمونة، ولادة ثلّة من الأطياب المطهَّرين فيها، حتّى ازداد هذا الشهر زهوّاً وجلالاً.

في الثالث من شعبان ولادة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي أخذه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عند ولادته المباركة، وحملَه بين ذراعيه، وقبّله، ثمّ حنّكه، وسمّاه حُسيناً، وقال فيه: «حسينٌ منّي، وأنا من حسين، أَحَبَّ اللهُ من أحبَّ حسيناً، حسينٌ سبط من الأسباط»[7].

وإنّ تعبير رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «وأنا من حسين»، إنّما فيه دلالة بيّنة على أنّ دين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يكن ليبقى لولا دم الإمام الحسين (عليه السلام)، وهذا ما يشير إليه الإمام زين العابدين (عليه السلام)، حين استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله، وقال: يا عليُّ بن الحسين، مَن غلَبَ؟ فقال له عليُّ بن الحسين: «إذا أردتَ أن تعلم مَن غلَبَ، ودخل وقتُ الصلاة، فأذِّن ثمّ أقِم»[8]؛ أي عندما يرتفع صوت المؤذِّن منادياً: أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّداً رسولُ الله، تعلم مَن المنصر الفعليّ في هذه المعركة؛ فالانتصار كان ببقاء الدين المحمّديّ الأصيل واستمراره.
وفي الرابع من شعبان ولادة العبّاس بن عليّ (عليهما السلام)، الذي يصفه الإمام الصادق (عليه السلام)، بقوله: «كان عمُّنا العباس بن عليّ نافذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهد مع أبي عبد الله (عليه السلام)، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»[9].

نعم، كانت رؤيته ساطعةً جليّة، وبصيرته نافذةً صلبة، في زمن عميت فيه البصائر، وزاغت فيه الأبصار، وانحرف الكثير عن جادّة الحقّ، وأخطؤوا تكليفهم.

وإنّ للعبّاس (عليه السلام) في كربلاء موقفاً يعكس هذه البصيرة وهذا الإيمان، وذلك عندما نادى شمر بن ذي الجوشن (لعنه الله): بنو أختي عبد الله وجعفر والعبّاس وعثمان، فقال الحسين (عليه السلام): «أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنَّه بعض أخوالكم»، فقالوا له: «ما شأنك؟» فقال: يا بني أُختي، أنتم آمنون، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد، فناداه العبّاس بن عليّ (عليهما السلام): «تبّت يداك، ولعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة (عليهما السلام)، وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء؟!»[10].

وفي الخامس من شعبان ولادة الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الذي كان عليه إعادة بناء المجتمع من جديد، المجتمع الذي أصبح فاسداً ضائعاً فاقداً للاستعداد؛ لذا كانت كلمات الإمام (عليه السلام) في هذه المرحلة حول المعارف الإسلاميّة، وكان يبثّها من خلال الدعاء، إذ إنّ الظروف آنذاك كان يسودها القمع والتنكيل، فلم يكن بمقدوره (عليه السلام) أن يتكلّم بشكل صريح وواضح مع الناس؛ وذلك ليس بسبب الأجهزة المانعة فقط، بل إنّ الناس أنفسهم كانوا يرفضون ذلك! وهو القائل (عليه السلام): «ما ندري كيف نصنع بالناس، إن حدّثناهم بما سمعنا من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ضحكوا، وإن سكتنا لم يسعنا»[11].

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) عن هذه المرحلة: «كانت حياة الإمام السجّاد (عليه السلام) لمدّة 34 أو 35 سنة، من عام 61هـ إلى 95هـ، على هذا النحو. وكلّما كان يمضي الوقت كان الوضع يتحسّن، حتّى قال الإمام الصادق (عليه السلام): «ارتدّ الناس بعد الحسين...»، إلى أن قال: «ثم إنّ الناس لحقوا وكثروا»[12]. وفي زمن الإمام الباقر (عليه السلام) تحسّن الوضع عمّا كان عليه في زمن السجّاد (عليه السلام)، وهذا بفضل ما بذله الإمام السجّاد من جهد خلال 35 سنة»[13].

يوم الجريح ويوم الأسير
ختاماً، لقد جُعِل اليوم الرابع من شعبان يوماً للجريح، هذا الجريح المجاهد الصابر على جراحه وآلامه، والذي يقول فيه شهيد الأمّة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه): «الأخ الجريح يجب أن يعرف أنّه حصل على درجةٍ لا يعلمها إلّا الله عزّ وجلّ؛ لأنّه من المجاهدين الذين فضّلهم الله عزّ وجلّ في محكم آياته... جهاد الجريح، هو الجهاد الأكبر الذي أوصى به رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأنا أشهد أنّ جرحانا -بالأعمّ الأغلب، وبالغالبيّة الساحقة- كانوا من أهل الصبر والتحمّل والثبات»[14].

كما وجُعِل اليوم الخامس من شعبان يوماً للأسير، وفي ذلك يقول شهيد الأمّة مبيّناً مكانة الإنسان وكرامته في ثقافتنا ونهجنا: «الإنسان مسؤوليّتنا، فكيف إذا كان هذا الإنسان هو الأفضل والأشرف والأنبل والأكثر عطاءً وجوداً، فإنّ المسؤوليّة تصبح تجاهه أكبر ومضاعفة؛ لذلك عندما يكتب بعضهم متسائلاً عن أسباب هذا الاهتمام من قِبل حزب الله بملفّ الأسرى والمعتقلين، أقول: هذا ما تأمر به ثقافتنا وقِيمنا وانتماؤنا وديننا ونبيّنا وأهل بيت نبيّنا والسلف الصالح من الصحابة الأخيار مع نبيّنا والذين جاؤوا بعده»[15].


[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص75.
[2] الشيخ المفيد، المقنعة، ص370.
[3] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص68.
[4] الأشعريّ القمّيّ، النوادر، ص17.
[5] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص294.
[6] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 07/05/2017م.
[7] ابن قولويه، كامل الزيارات، ص116.
[8] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص677.
[9] ابن عنبة، أحمد بن عليّ الحسينيّ، عمدة الطالب، ص356.
[10] السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، ص54.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج3، ص234.
[12] الشيخ المفيد، الاختصاص، ص64.
[13] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص264.
[14] من كلامٍ له (رضوان الله عليه)، بتاريخ 12/05/2016م.
[15] من كلامٍ له (رضوان الله عليه)، بتاريخ 29/01/2004م.

29-01-2025 | 22-23 د | 332 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net