محاور الموضوع الرئيسيّة:
- العقيلة زينب في سطور
- القيادة الزينبيّة للثورة
الهدف:
التعرّف الى مواقف السيدة زينب عليها السلام بعد كربلاء وقيادتها للثورة على الطغاة والظالمين.
تصدير الموضوع:
مما قالته العقيلة في توبيخ يزيد: ".. فَكِدْ كَيْدَكَ، وَاسْعَ سَعْيَكَ، ونَاصِبْ جَهْدَكَ، فَوَاللهِ لاَ تَمْحُوَنَّ ذِكْرَنَا، ولاَ تُمِيتُ وَحْيَنَا، وَلاَ تُدْركُ أَمَدَنَا، وَلاَ تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا...".
1- العقيلة زينب في سطور
ولدت السيدة زينبعليها السلام، في الخامس من جمادى الأولى، في السنة الخامسة -أو السادسة-للهجرة, وقيل في غرة شعبان في السنة السادسة. وتكنى بأم كلثوم، وأم الحسن، وتلّقب: بالصديقة الصغرى، والعقيلة، وعقيلة بني هاشم، وعقيلة الطالبيين.
- عفتها عليها السلام: حدّث يحيى المازني قال: كنت في جوار أمير المؤمنين في المدينة مدة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تخرج ليلاً والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين عليه السلام أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين عليه السلام فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن عليه السلام مرة عن ذلك فقال عليه السلام: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب1.
- عبادة زينب عليها السلام: كانت تقضي عامة لياليها بالتهجّد وتلاوة القرآن، قالت فاطمة بنت الحسين عليها السلام: وأما عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة أي العاشرة من المحرم في محرابها، تستغيث إلى ربها، فما هدأت لنا عين ولا سكنت لنا رنّة. وفي رواية: أن الحسين عليه السلام لما ودّع أخته زينب وداعه الأخير قال لها: يا أختاه لا تنسيني في نافلة الليل... 2.
- إيثارها عليها السلام: وروي عن الإمام زين العابدين عليها السلام أنه قال: "إن عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من الفرائض والنوافل عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام من قيام، وفي بعض المنازل كانت تصلي من جلوس فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال، لأنها كانت تقسّم ما يصيبها من الطعام على الأطفال لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم والليلة"3.
2- القيادة الزينبيّة للثورة
تحرَّك موكب سبايا أهل البيت عليهم السلام من كربلاء المقدّسة نحو مدينة الكوفة وهو يقطع الصحاري، في الحادي عشر من المحرّم سنة 61 هـ، وقد حمل جيش عمر بن سعد السبايا على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء، وساقوهم كما يساق سبي الترك والروم في أشد المصائب، وتتقدّمهم الرؤوس على الرماح، حتى دخل الركب الكوفة في اليوم الثاني عشر من المحرَّم سنة 61 هـ، واقتسمت القبائل الرؤوس بينها...4.
- عظمة الصبر وتحمّل المصيبة في عين الله: حينما حدثت الفاجعة الكبرى بمقتل أخيها الحسين عليه السلام خرجت السيدة زينب تعدو نحو ساحة المعركة، تبحث عن جسد أخيها الحسين بين القتلى غير عابئة بالأعداء المدجّجين بالسلاح، فلما وقفت على جثمان أخيها الحسين وضعت يدها تحت جسده الطاهر المقطع ورفعته نحو السماء وهي تدعو الله قائلة "اللهم تقبل منا هذا القربان".
- ويلكم يا أهل الكوفة: لما دخل موكب السبايا الكوفة، توجه نحو قصر الإمارة، مُخترقاً جموع أهل الكوفة المحتشدين في الشوارع وهم يبكون لما حلَّ بالبيت النبوي الكريم، قال بشير بن خزيم ألأسدي: ونظرت إلى زينب بنت علي يومئذ، ولم أر خفرة والله أنطق منها، كأنّها تفرع من لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، وسكنت الأجراس، ثمّ قالت: "الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلاَةُ عَلىَ جَدِّي مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الأَخْيَارِ. أما بَعْدُ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، يَا أَهْلَ الْخَتْلِ والْغَدْرِ، أَتَبْكُونَ؟! فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ، ولَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثاً، تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ...َأتَبْكُونَ وَتَنْتَحِبُونَ؟! إِيْ وَاللهِ فَابْكُوا كَثِيراً، واضْحَكُوا قَلِيلاً، فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَشَناَرِهَا...وَيْلَكُمْ يَا أَهلَ الْكُوفَةِ، أَتَدْرُونَ أَيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللهِ فَرَيْتُم؟! وَأيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أبْرَزتُمْ؟! وَأَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ؟! وَأّيَّ حُرْمَةٍ لَهُ انتَهَكْتُمْ؟! لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا صَلعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْدَاءَ فَقُمَاءَ...أَفَعَجِبْتُمْ أَنْ مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً، وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزىَ وَأَنْتُمْ لاَ تُنْصَرُونَ.."
وخلاصة ما أرادت إيصاله إليهم:
إيضاح الصورة للرأي العام وإثارتهم على الأمويين، وإظهار المصيبة الكبرى التي داهمت العالم الإسلامي بقتل ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحميل الكوفيّين مسؤولية هذه الجريمة النكراء.
- شجاعة علي وثبات الحسين في مواجهة ابن زياد: لما سأل ابن مرجانة عنها، فقال: مَن هذه التي انحازت ناحية ومعها نساؤها؟ أعرضت عنه احتقاراً واستهانة به، وكرّر السؤال فلم تجبه، فأجابته إحدى السيّدات: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأبطل أحدوثتكم, فأجابته عليها السلام بشجاعة أبيها محتقرة له قائلة: "الحمْدُ للهِ الَّذي أَكْرَمَنَا بِنَبِيِّهِ، وَطَهَّرَنــــَا مِنَ الرِّجْسِ تَطْهِيراً، إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ وَيَكْذِبُ الْفَـــاجِرُ، وَهُوَ غَيْـــرُنَا يَا بْنَ مَرْجَانَة"
- ما رأيت إلا جميلاً: وكذالك عندما خاطبها مستهزئاً: كيف رأيت صنع الله بأخيك؟ فأجابته حفيدة الرسول بكلمات الظفر والنصر لها ولأخيها قائلة: "ما رَأَيْتُ إِلاّ جَمِيلاً، هؤُلاَءَ قَوْم كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقَتَلَ، فَبَرَزُوا إِلى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمعُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلَجُ يَومَئِذٍ، ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ يا بْنَ مَرْجَانَةَ.."
- الدفاع عن الإمام والإمامة: وأدار ابن مرجانة بصره في بقية الأسرى من أهل البيت فوقع بصره على الإمام زين العابدين، وقد أنهكته العلّة فسأله: مَن أنت؟ فقال عليه السلام: عليّ بن الحسين.. بعد حوار مع الإمام فالتفت إلى بعض جلاديه فقال له: خذ هذا الغلام واضرب عنقه. فانبرت العقيلة بشجاعة لا يرهبها سلطان، فاحتضنت ابن أخيها، وقالت لابن مرجانة: "حسبك يَا بْنَ زِيَادٍ مَا سَفَكْتَ مِن دِمَائِنَا، إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنّا أَحَداً، فَإنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلى قَتْلِهِ فَاقْتُلْني مَعَهُ..". وبهر الطاغية وانخذل، وقال متعجّباً: دعوه لها، عجباً للرحم ودَّت أن تقتل معه.
- أمن العدل يا ابن الطلقاء: (المواجهة مع رأس الظلم): لما وصلت قافلة السبايا إلى مجلس الطاغية يزيد بن معاوية في الشام...، أظهر الطاغية فرحته الكبرى بإبادته لعترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ يهزّ أعطافه جذلان وراح يترنّم بالأبيات التي مطلعها:
لَيْــــتَ أَشـــــْيَاخِي بِبَدرٍ شهدوا جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِـنْ وَقْعِ الأَسَـلْ
ولمّا سمعت العقيلة هذه الأبيات ألقت خطبتها الشهيرة بفصاحة وشجاعة أبيها علي عليه السلام وقد ضمّنتها أعنّف المواقف لفرعون عصره يزيد ومما قالته عليها السلام: "الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلىَ مُحَمّدَ وآلِهِ أَجْمَعِيَن، صَدَقَ اللهُ" كَذَلكَ يَقُولُ: "ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا بأيات الله وكانوا بها يَسْتَهْزِئونَ"..
- وَلَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ، إِنِّي لأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ، وَأَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ، وَأَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ، لَكِنِ الْعُيُونُ عَبْرىَ، وَالصُّدَورُ حَرّىَ.أَلاَ فَالعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاء.
- أَمِنَ الْعَدْلِ يَا بْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَإمَاءَكَ وَسوقَكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللهِ سَبَايَا؟! قدْ هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ، وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ، تَحْدُو بِهِنَّ الأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدِ إلى بلدٍ،.. وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالبَعِيدُ..
أَللَّهُمَّ خُذْ بِحَقِّنَا، وَانتَقِمْ مِمَّنْ ظَلَمَنَا، وَاحْلُلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمَاءَنَا وَقَتَلَ حُمَاتَنَا.فَوَاللهِ مَا فَرَيْتَ إِلاَّ جِلْدَكَ، وَلا حَزَزْتَ إِلاَّ لَحْمَكَ، وَلَتَرِدَنَّ عَلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرّيَّتِهِ، وَانْتَهكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَلُحْمَتِهِ..
1- وفيات الأئمة، 436
2- وفيات الأئمة،441
3- المصدر نفسه
4- اللهوف في قتلى الطفوف: 84